خاص – اعلام الجامعة
ابتكر ا.د. علي طارق العبودي احد تدريسيي جامعة العميد نظرية "السيميائية الجلدية" Dermatosemiotics، والتي تؤسس لأسس جديدة في التداخلات العلاجية. هذه النظرية تستند إلى علم السيمياء البيولوجي (biosemiotics) والقرآن الكريم والمنهج الظاهراتي (phenomenology) وعلم الأعصاب (neuroscience)، مما يقدم رؤية متكاملة حول العلاقة بين النفس والجسد.
مفهوم السيميائية الجلدية.
وقال العبودي في تصريح خص به إعلام الجامعة " تستند السيميائية الجلدية إلى فكرة أن الجلد يؤدي دورًا حيويًا بوصفه وسيطًا تواصليًا في تشكيل الذات. يوضح الأستاذ أن الوظيفة النفسية للجلد تتجلى في كونه نقطة انطلاق لتكون الذات في صورتها الأولية، قبل أن تتحول إلى ظاهرة لغوية اجتماعية تؤسس لغربتها الوجودية".
وأضاف العبودي: " إن أحد أهم مبادئ هذه النظرية، هو أن الأفكار والاعتقادات تعمل مثل جلدٍ نعيش داخله، تحدد هويتنا وما هو المهم وما هو الصواب والخطأ. عدم وعينا بالجلد الذي نعيش داخله، يجعلنا غير قادرين على قيادة أنفسنا نحو الحياة التي نريدها".
وأشار العبودي الى " ان هذه النظرية الجديدة تعزز المفاهيم التي تتضمنها النصوص القرآنية، إذ تشير إلى أهمية اللغة واللمس في تشكيل السلوك الإنساني، ويعكس استخدام القرآن المتكرر لمفاهيم المس نوعًا من التفاعل النفسي الذي يشبه عملية اللمس، إذ أن الإنسان لا يتحرك إلا إذا كان جلده داخل العلاقة. يُشار إلى هذا المفهوم مجازيًا بالقول "الجلد في اللعبة" (skin in the game)، مما يعكس كيفية ارتباط الذات بالعالم الخارجي".
وأوضح العبودي " من شروط الصحة النفسية هو الوُجود ضمن جلد رحماني، الذي يقلل من هرمونات التوتر التي تؤسس لذات قلقة خائفة متشائمة، غياب الأم أو مقدم العناية الأولى في فترة الطفولة المبكرة هو أهم عامل مسبب للكثير من الاضطرابات النفسية في عمر المراهقة والبلوغ. اللمس الذي يعيشه الطفل مع الأم هو لمس للدماغ، وليس فقط للجلد، محفزا هرمونات الصحة النفسية مثل الأوكسيتوسين والاندروفين وغيرها".
وتابع العبودي " يعدّ المنهج الظاهراتي (الفينومينولوجيا) من الركائز الأساس في تأسيس هذه المدرسة العلاجية الجديدة. من خلال التركيز على التجربة الإنسانية الفريدة، يُمكن للمعالجين فهم كيفية تشكل الوعي الشخصي والمعاني التي يربطها الأفراد بتجاربهم. يسهم هذا المنهج في تعزيز العلاقة بين المعالج والمريض، إذ يُمكنهما استكشاف الطبقات العميقة للوجود الإنساني".
وبين العبودي " ان علم الأجنة يدعم هذه النظرية من طريق توضيح الأصل المشترك للجلد والدماغ، وهو ما يعرف بالطبقة الخارجية (Ectoderm). هذا الارتباط البيولوجي يعزز الفهم بأن الجلد ليس مجرد غلاف خارجي، بل هو جزء متكامل من النظام النفسي والعصبي.
وختم تصريحه بالقول " تقدم السيميائية الجلدية رؤية جديدة للدراسات النفسية والعلاجية، فهي تجمع بين العلوم المختلفة لتقديم فهم أعمق للعلاقة بين الجسد والنفس. من خلال دمج القرآن مع المنهج الظاهراتي وعلم الأعصاب، يفتح الأستاذ آفاقًا جديدة لعلاج القضايا النفسية، مما يُبشر بعصر جديد من الابتكارات في مجال الصحة النفسية".